السند التنفيذي هو أداة قانونية رسمية في النظام السعودي تتيح لصاحبه (الدائن) مباشرة تنفيذ حقٍّ محدد دون الحاجة إلى رفع دعوى قضائية جديدة .
وبسبب هذه الصفة، يُستخدم السند التنفيذي لتسريع استيفاء الحقوق المالية والعينية، مما يساهم في تعزيز الثقة في المعاملات التجارية والقانونية.
كما أن فعالية السند التنفيذي في إنفاذ الأحكام تعزز ثقة الأطراف في كفاءة النظام القضائي السعودي وتشجع على الاستثمار من خلال توفير ضمانات قانونية أوسع.
بعبارة أخرى، يمثل السند التنفيذي ضمانًا قانونيًا حيويًا لحماية حقوق الدائنين وتحقيق العدالة الناجزة في بيئة أعمال مستقرة.
أنواع السندات التنفيذية المعترف بها
ينص نظام التنفيذ السعودي (المادة التاسعة) على أنواع المستندات التي تُعتبر سندات تنفيذية معترفًا بها قانونًا؛ من أبرزها:
- الأحكام والقرارات القضائية: أي الأحكام النهائية والأوامر الصادرة عن المحاكم المحلية.
- أحكام التحكيم التنفيذية: أحكام المحكمين الموثقة ومختومة بأمر تنفيذ حسب نظام التحكيم.
- محاضر الصلح الموثقة: اتفاقات الصلح والمحاضر التي تصدرها جهات مختصة أو تصدق عليها المحاكم.
- الأوراق التجارية: مثل الشيكات والكمبيالات والسندات الإذنية وغيرها.
- العقود والمحررات الموثقة: كافة العقود والاتفاقيات الموثقة لدى كُتاب العدل أو الجهات المختصة.
- الأحكام والوثائق الأجنبية: الأحكام والأوامر القضائية، وأحكام التحكيم، والمحررات الموثقة الصادرة في الخارج (مع تحقق معاملة بالمثل).
- الأوراق العادية المعترف بها: أي سندات مكتوبة اعترف فيها المدين ببعض أو كل الحقوق المتنازع عليها.
- عقود وأوراق أخرى: أي مستندات أخرى ينص عليها النظام بقوة السند التنفيذي.
هذه الفئة الواسعة تضمن شمول جميع صور الدين الموثقة بحكم أو قرار أو اعتراف نهائي، مما يُمكّن الدائن من تنفيذ حقه بسرعة وكفاءة.
الإجراءات المتبعة أمام قاضي التنفيذ
تمر إجراءات التنفيذ في السعودية بعدة خطوات منظمة، تبدأ بتقديم طلب وتنتهي بتحصيل الدين:
-
تقديم طلب التنفيذ:
يقوم الدائن (طالب التنفيذ) بتقديم طلب رسمي إلى قاضي التنفيذ، مرفقًا بالسند التنفيذي وبالبيانات المطلوب استيفاؤها وفق النموذج الذي تحدده اللائحة التنظيمية.
- كما يمكن تقديم الطلب عبر منصة “ناجز” الإلكترونية أو مباشرة لدى مكتب التنفيذ.
2. التحقق من الصيغة التنفيذية:
أ – يتحقق قاضي التنفيذ من وجود الصيغة التنفيذية على السند التنفيذي الوارد في الفقرات (1، 2، 3) من المادة (التاسعة) من هذا النظام.
ب – فيما عدا ما ذكر في الفقرة (2-أ) يتحقق قاضي التنفيذ من استيفاء السندات التنفيذية – المذكورة في الفقرات (4، 5، 6، 7، 8) من المادة (التاسعة) – الشروط النظامية، ويضع خاتم التنفيذ عليها، متضمناً عبارة (سند للتنفيذ) مقروناً باسم قاضي التنفيذ ، ومحكمته، وتوقيعه.
3. إصدار أمر التنفيذ وتبليغ المدين:
بعد قبول الطلب، يصدر القاضي أمر تنفيذ فوريًا موجهًا إلى المدين، ويُرفق به نسخة مختومة من السند التنفيذي.
- يُخطر المدين رسميًا بقرار التنفيذ، ويمنح مهلة محددة (20 يومًا) للوفاء بالالتزام.
4. الإجراءات التحفظية:
إذا امتنع المدين عن السداد، يأمر القاضي باتخاذ إجراءات تحفظية لقطع السبل على الهروب. في هذه المرحلة، يجوز للقاضي إصدار أمر بالإفصاح عن الأموال (كشف حسابات وملكيات المدين) وحجز أصوله بما يكفي لسداد الدين.
- وقد تتضمن الإجراءات حجز الحسابات المصرفية أو السيارات أو العقارات أو غيرها من ممتلكات المدين.
5. بيع الأموال المحجوزة:
- بعد الحجز، يتم طرح الأموال أو المنقولات المحجوزة للبيع بالمزاد العلني وفق الإجراءات النظامية.
- يُحرر مأمور التنفيذ محاضر مفصّلة بعملية البيع وأسماء الفائزين وقيمة المزايدة، ويصدر قاضي التنفيذ قرار ترسية المزاد على المشتري بعد التأكد من سداد المبلغ إلى المحكمة.
- يُعتبر قرار البيع هذا سندًا تنفيذيًا جديدًا لصالح المشتري، ويصدر ضده التنفيذ بعد حجوزات البائع.
- تُودع عائدات البيع في حساب المحكمة، وتُسدد فيها حقوق الدائن ومستحقات التنفيذ.
تغطي هذه الخطوات كامل دورة التنفيذ أمام المحكمة المختصة بدءًا من استقبال طلب التنفيذ وحتى توزيع حصيلة البيع.
يرافق ذلك انتشار الإعلام والإعلانية إذا تعذر التبليغ الشخصي للمدين، وعادة ما يعهد لذلك إلى الجريدة الأوسع انتشارًا لكي تضمن وصول التنفيذ إلى المدين.
صلاحيات قاضي التنفيذ
يتمتع قاضي التنفيذ بسلطات واسعة لضمان سير عملية التنفيذ بشكل فعال، جاء في نصوص نظام التنفيذ والممارسات القضائية ما يلي:
- الاختصاص بالنظر في منازعات التنفيذ: يملك القاضي صلاحية الفصل في جميع المنازعات الناشئة عن إجراءات التنفيذ مهما كان قيمتها.
- فمثلاً، إذا اعترض المدين على صحة الإجراءات أو مشمولة التنفيذ، يُنظر في دعوى التنفيذ مباشرة أمام قاضي التنفيذ.
- إصدار أوامر التنفيذ والإجراءات: يصدر القاضي الأوامر اللازمة للتحصيل، مثل أوامر الحجز التحفظي أو النهائي والتوجيه للحجز التنفيذي على ممتلكات المدين.
- وله الاستعانة بالشرطة أو الجهات المختصة الأخرى لتنفيذ الأوامر القضائية.
- الإفصاح عن الأموال: يملك القاضي سلطة إلزام أي جهة (حكومية أو خاصة) بإفصاح عن أصول المدين وموقعها، وذلك لمساعدة تنفيذ الحجز.
- الإجراءات الاستثنائية: يجوز لقاضي التنفيذ إصدار أوامر من المنع من السفر ضد المدين ومنعه جزئيًا أو كليًا من مغادرة المملكة، كما يصدر أوامر الحبس التنفيذي في الحالات المنصوص عليها قانونًا (مثلاً عند التعسف أو المماطلة الموثقة).
- الإشراف على البيع والتسوية: يشرف القاضي على مراحل حجز وبيع الأملاك المحجوزة، ويتأكد من سلامة الإجراءات وتوزيع الحصيلة طبقا لأسبقية الدائنين.
هذه الصلاحيات تمنح قاضي التنفيذ أدوات فعّالة لتنفيذ الحق الجبري،
ويخضع قراره النهائي فيه للطعون القضائية وفقًا للضوابط النظامية (حيث تكون أحكامه قطعية في منازعات التنفيذ وحكم الاستئناف فيها نهائيًا).
ضمانات المنفذ ضده
يُراعِي نظام التنفيذ حماية حقوق المدين (المنفَّذ ضده) وضمان حد أدنى من كفاية معيشته، وذلك من خلال نصوص محددة:
- الإعاشة والسكن: يحظر القانون تنفيذ الأحكام على مسكن المدين الذي يقطنه هو ومن يعولهم (إلا إذا كان مرهونا للدائن).
كما تُعفى وسائل النقل الأساسية للمدين ومن يعولهم من الحجز بالقدر الذي يكفي مستلزماته المعيشية.
- حد الأدنى من الأجور: يخصص القانون نسبة من راتب المدين كحدٍ أدنى للحياة؛ كالأتي :-
- فبالنسبة للنفقات الأساسية (مثل النفقة الشرعية)، لا يجوز حجز أكثر من نصف الراتب،
وبالنسبة للديون الأخرى لا يجوز حجز أكثر من ثلث الراتب.
-
- في حالة تداخل الديون، يخصص نصف الراتب أولًا لدفع النفقة، وبقية الراتب (ثلث النصف) يُوزَّع على الدائنين الآخرين.
- أدوات المهنة والضروريات الشخصية: تستثنى أدوات المهنة والمساعدة التي يحتاجها المدين لمزاولة عمله بالكامل، كذلك مستلزماته الشخصية الضرورية، إذ يقدر قاضي التنفيذ مقدارها المناسب لضمان الحد الأدنى لحياة المدين ومعيلي الأسرة.
- إيداع المبلغ المطلوب: يتمتع المحجوز على أمواله (أي المدين أو من ينيبه) بحق إيداع مبلغ نقدي يغطي قيمة الدين في حساب خاص بالمحكمة، يؤدي هذا الإيداع إلى زوال الحجز عن الأموال المحجوزة وانتقالها إلى الدائن، ما يضمن للمدين حل النزاع دون بيع ممتلكاته.
- وقف البيع عند التسديد: ينص القانون أيضًا على أن مأمور التنفيذ يوقف إجراءات بيع باقي أموال المدين إذا ثبت أن قيمة ما بيع كافية تمامًا لسداد الدين ومصاريف التنفيذ، وبذلك يُحافظ على حقوق المدين في ملكية ما تبقى من أمواله بعد تحصيل حق الدائن كاملاً.
من خلال هذه الضمانات يُرعى تحقيق التوازن بين حقوق الدائنين وحفظ حد الكفاية الحياتية للمدين،
بما يكفل سير التنفيذ بأقل قدر من الضرر على الأسرة أو النشاط الحياتي.
الخاتمة
تتمتع شركة المشورة للمحاماة بخبرة عميقة في مجال الإجراءات التنفيذية في المملكة العربية السعودية. إذ يضم فريقها محامون متخصصون في قوانين التنفيذ والحجز.
كما يعملون على تقديم استشارات قانونية مهنية لرجال الأعمال والدائنين لضمان حماية حقوقهم التجارية والمدنية.
تعتمد شركة المشورة على متابعة مستمرة لأحدث التطورات النظامية وتطبيق أفضل الممارسات القضائية، مما يمكّن عملاءها من استرداد حقوقهم بسرعة وكفاءة ضمن الأطر القانونية.
سواء كان الأمر متعلقًا بإجراءات التنفيذ المباشر أو القضايا ذات الصلة بحفظ الحقوق،
فإن المشورة للمحاماة تسعى لأن تكون الشريك القانوني الموثوق الذي يحمي مصالح عملائها ويعزز أمنهم القانوني في المعاملات الاستثمارية والتجارية.