تعد مهنة المحاماة من المهن ذات الطابع الخاص والاستقلالي، لما لها من دور جوهري في تحقيق العدالة. الدفاع عن الحقوق، وصون الحريات. ومع هذه الأهمية، تأتي المسؤولية المهنية للمحامي كجزء لا يتجزأ من النظام القانوني. 

وقد نظم نظام المحاماة السعودي ولائحته التنفيذية نطاق هذه المسؤولية، وحدد التزامات المحامي والجزاءات التأديبية عند الإخلال بها. في هذا المقال نسلط الضوء على أبعاد هذه المسؤولية، وحدودها، وأثرها في حماية المتقاضين وتعزيز الثقة في مهنة المحاماة.

أولًا: تعريف المسؤولية المهنية للمحامي: 

المسؤولية المهنية للمحامي هي الالتزام القانوني والأخلاقي الذي يتحمله المحامي أثناء مزاولته للمهنة، ويحاسب عليه في حال الإخلال بواجباته المهنية.

سواء تجاه موكله، أو تجاه الجهات القضائية، أو المجتمع بوجه عام، و تشمل المسؤولية النظامية، والأخلاقية، والتأديبية.

ثانيًا: الأساس النظامي للمسؤولية المهنية في المملكة:  نظم المشرّع السعودي هذه المسؤولية من خلال:

  1. نظام المحاماة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/38 وتاريخ 28/7/1422هـ.
  2. اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة (المعدلة بقرار وزير العدل رقم 676 بتاريخ 19/4/1446هـ).
  3. الأنظمة ذات العلاقة مثل: نظام مكافحة غسل الأموال، نظام مكافحة التستر، ونظام الإجراءات الجزائية.

ثالثًا: واجبات المحامي المهنية وفق النظام: حدد نظام المحاماة عدة واجبات يجب على المحامي الالتزام بها، وأبرزها:

  • أداء واجباته بمهنية ونزاهة وصدق.
  • احترام المحاكم وأعضاء السلطة القضائية.
  • الحفاظ على أسرار موكليه.
  • عدم تضارب المصالح بين الموكلين.
  • عدم تقديم معلومات مضللة أو كاذبة.
  • الالتزام بعدم الإعلان عن نفسه بطرق غير مشروعة.

وقد نصت المادة (11) من نظام المحاماة على أنه: ” على المحامي مزاولة مهنته وفقا للأصول الشرعية والأنظمة المرعية، والامتناع عن أي عمل يخل بكرامتها.واحترام القواعد والتعليمات الصادرة في هذا الشأن.”

رابعًا: الأنظمة ذات العلاقة وتأثيرها على نطاق المسؤولية :

لا تقتصر مسؤولية المحامي المهنية على ما يرد في نظام المحاماة ولائحته فقط،

بل تمتد لتشمل عددًا من الأنظمة الأخرى التي تفرض التزامات مباشرة أو غير مباشرة على المحامين أثناء تأديتهم لعملهم.

ومن أبرز هذه الأنظمة: 

  • نظام مكافحة غسل الأموال : يُلزم المحامي، خاصة في القضايا المالية، بواجبات مثل التحقق من هوية العملاء، والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، و الإخلال بهذه الالتزامات قد يعرض المحامي للمساءلة المهنية أو حتى الجنائية.
  •  نظام مكافحة التستر التجاري: قد يُساءل المحامي تأديبيا إن شارك، عن علم أو إهمال، في صياغة عقود صورية أو تمويه لملكية نشاط تجاري بالمخالفة للنظام. 
  •  نظام الإجراءات الجزائية: يحدد هذا النظام دور المحامي أثناء التحقيق والمحاكمة، ويمنحه بعض الضمانات، لكنه في الوقت نفسه يفرض عليه التزامات، مثل احترام سرية التحقيق وعدم التأثير على الشهود.

وبالتالي، فإن هذه الأنظمة تُشكل جزءًا من الإطار المهني الذي يتحرك فيه المحامي، وتُحمله مسؤوليات إضافية تتطلب وعيًا قانونيًا واسعًا والتزامًا عاليًا بسلوكيات المهنة.

رابعًا: نطاق المسؤولية التأديبية: في حال إخلال المحامي بواجباته المهنية، فإنه يكون عرضة للمساءلة التأديبية أمام لجنة قيد وقبول المحامين، والتي لها أن توقّع عليه إحدى العقوبات التالية:

  1. اللوم.
  2. الإنذار.
  3. الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات.
  4. شطب الاسم من جدول المحامين.

وقد حدّدت اللائحة التنفيذية إجراءات التحقيق والمساءلة، وأكدت على حق المحامي في الدفاع عن نفسه، والطعن على القرار أمام الجهة المختصة.

خامسًا: المسؤولية المدنية للمحامي: 

نظام المحاماة يركز على المسؤولية التأديبية للمحامي والتي تتعلق بمخالفات المحامي لأخلاقيات المهنة أو الأنظمة، مثل الإخلال بالواجبات النظامية،

وتُنظر فيها لجنة التأديب بوزارة العدل وفقًا للمادتين (31، 32) من نظام المحاماة، ولها أن تُصدر جزاءات مثل الإنذار أو الوقف عن مزاولة المهنة أو الشطب. 

إلا أن المحامي قد يُسأل مدنيا أيضاً إذا تسبب بخطئه في إلحاق ضرر بموكله، مثل الإهمال أو التقصير أو إفشاء السر المهني

يترتب على ذلك تعويض المتضرر، وتنعقد الولاية لمحكمة الأحوال الشخصية أو المحكمة العامة بحسب نوع النزاع.

سادسًا: ضمانات المحامي: 

في المقابل، وفّر النظام عدة ضمانات للمحامي أثناء تأدية مهامه، منها:

  • عدم مسؤوليته عما يورده في مرافعاته الشفهية أو الكتابية أمام الجهات القضائية، طالما كان ذلك في حدود القانون وأدب المرافعة.
  • حماية مكتبه ومراسلاته من التفتيش أو المصادرة إلا بأمر قضائي.
  • حقه في الاطلاع على أوراق القضية , وتمثيل موكله بحرية.

المسؤولية المهنية للمحامي في النظام السعودي تُشكّل ركيزة أساسية لضمان جودة الخدمات القانونية، وحماية حقوق المتقاضين، ورفع مستوى الثقة في مرفق العدالة.

وقد حرص نظام المحاماة ولائحته التنفيذية على وضع إطار متوازن يحدد الواجبات، ويقر الجزاءات.

يوفر الحماية القانونية للمحامي، بما يسهم في تعزيز مهنية واستقلالية المحاماة كركن أصيل في النظام العدلي السعودي.

في شركة المشورة للمحاماة، لا نكتفي بتقديم الخدمات القانونية فحسب، بل نلتزم التزامًا تامًا بما ورد في نظام المحاماة ولائحته التنفيذية، حرصًا منا على ممارسة المهنة وفق أعلى معايير النزاهة والمهنية والاستقلال.

نحن نؤمن بأن الثقة تُبنى على احترام الأنظمة، والمسؤولية المهنية هي أساس كل علاقة قانونية ناجحة.

اختر المشورة لتكون شريكك القانوني، واستفد من فريق عمل ملتزم، مرخّص، وواعٍ بكافة الضوابط النظامية، ليكون داعمك القانوني الموثوق في كل خطوة.

المشورة للمحاماة… التزام يُترجم إلى حماية حقيقية لمصالحك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *